الكَيْفُ : القطْعُ وقد كافَه يَكِيفُه ومنه : كَيَّفَ الأَدِيمَ تَكْيِيفاً : إذا قَطَعه . وكَيْفَ ويُقال : كَيْ بحَذْفِ فإئه كما قالُوا في سَوْفَ : سَوْ ومنه قولُ الشاعرِ :
كَيْ تَجْنَحُونَ إلى سَلْمِ ومأثُئِرَتْ ... قَتْلاكُمُ ولَظَى الهَيْجاءِ تَضْطَرِمُ كما في البَصائِرِ قال الجَوهرِيُّ : اسمٌ مُبْهَمٌ غيرُ مُتَمَكِّنٍ وإِنّما حُرِّكَ آخِرُه للسّاكِنَيْنِ وبُنِي بالفَتْحِ دونَ الكُسْرِ لمَكانِ الياءِ كمَا في الصِّحاحِ وقال الأَزْهرِيُّ : كَيْفَ : حرفُ أَداةٍ ونُصِبَ الفاءُ فِراراً به من الياءِ الساكنةِ فهيا لئلاّ يَلْتَقِي ساكنانِ . والغالبُ فيه أَنْ يَكُونَ اسْتِفهاماً عن الأَحْوالِ إِما حَقِيقِيّاً ككَيْفَ زَيْدٌ ؟ أَو غَيْرَهُ مثل : " كَيْفَ تَكْفُرُونَ باللهِ " فإنَّهُ أُخْرِج مُخْرَجَ التَّعَجُّبِ والتّوْبِيخِ وقالَ الزَّجاجُ : كيفَ هُنا : اسْتِفْهامٌ في معنَى التَّعَجُّبِ وهذا التَّعَجُّبُ إِنّما هو للخَلْق وللمُؤْمِنِينَ أَي اعْجَبُوا من هؤُلاءِ كيفَ يَكْفُرُونَ بالهِ وقد ثَبَتَتْ حُجَّةُ اللهِ عليهم ؟ وكذلِكَ قولُ سُوَيْدِ بنِ أَبي كاهِلٍ اليَشْكُرِيِّ :
كيفَ يَرْجُونَ سِقاطِي بَعْدَما ... جَلَّلَ الرّأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ
فإِنّه أُخْرِجَ مُخْرَجَ النَّفْيِ أَي : لا تَرْجُوا مِنِّي ذلِك . ويَقَعُ خَبَراً قَبْلَ ما لا يَسْتَغْنِي عَنْه كَكَيْفَ أَنْتَ ؟ وكَيْفَ كُنْتَ ؟ . ويَكُونُ حالاً لا سُؤالَ معه كقَوْلِكَ : لأُكْرِمَنَّكَ كَيْفَ كُنْتَ أَي : عَلى أَيِّ حالٍ كُنْتَ وحالاً قَبْلَ ما يَسْتَغْنِي عَنْهُ ككَيْفَ جاءَ زَيْدٌ ؟ . ويَقَعُ مَفْعولاً مُطْلَقاً مثل : " كَيْفَ فَعَل رَبُّكَ " . وأَما قَوْلُه تعالى : " فكَيْفَ إِذا جِئْنَا مِنْ كُلّش أُمَّةٍ بشَهِيدٍ " فهو تَوْكِيدٌ لِما تَقَدَّمَ من خَبَرٍ وتَحْقِيقٌ لما بعَده على تَأْوِيلِ إِنَّ الله لا يَظْرِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ في الدُّنْيا فكَيْفَ في الآخِرَةِ ؟ وقِيلَ : كيفَ يُسْتَعْمَلُ على وَجْهَيْنِ : أَحَدُهما : أَن يكونَ شَرْطاً فيَقْتَضِي فعْلَيْنِ مُتَّفِقَي اللَّفْظِ والمَعْنَى غيرَ مَجْزُومَيْنِ ككَيْفَ تَصْنَعُ أَصْنَعُ ولا يَجوزُ كَيْفَ تَجْلِسُ أَذْهَبُ باتِّفاقٍ . والثاني : - وهو الغالِبُ - أَنْ يكونَ اسْتِفْهاماً وقد ذَكَرَه المُصَنِّفُ قَرِيباً . وفي الارْتِشاف : كَيْفَ : يكونُ اسْتِفْهاماً وهي لتَعْمِيم الأَحْوالِ وإِذا تَعَلَّقَت بجُمْلَتَيْنِ فقالُوا : يكونُ للمُجازاةِ من حَيْثُ المَعْنَى لا مِنْ حَيْثُ العَمَل وقَصُرت عن أَدوات الشَّرْطِ بكَوْنِها لا يَكُونُ الفِعلانِ مَعَها إلا مُتَّفِقَيْنِ نحو : كيفَ تَجْلِسُ أَجلِسُ . وقالَ شَيْخُنا : كَيْفَ : إِنما تُسْتَعْمَلُ شَرْطاً عند الكُوفِيِّينَ ولم يَذْكُرُوا لها مِثالاً واشْتَرَطُوا لها مع ما ذَكَر المُصنِّفُ أَن يَقْتَرِنَ بها ما فيُقالُ : كَيْفَما وأَمّا مُجَرَّدةً فلم يَقُل أَحَدٌ بشَرْطِيَّتها ومن قال بشَرْطِيَّتِها - وهم الكُوفِيُّون - يَجْزِمُونَ بها كما في مبادِئ العَرَبِيَّة ففي كلامِ المُصَنِّفِ نَظَرٌ من وَجُوهٍ . قلتُ : وهذا الذي أَشارَ له شيْخُنا فقد ذَكَره الجوهريُّ حيثُ قال : وإِذا ضَممْتَ إليه ما صَحَّ أَن يُجازَى به تَقُولُ : كَيْفَما تَفْعَلُ أَفْعَلْ . وقال ابنُ بَرِّيّ : لا يُجازَى بكَيْفَ ولا بَكَيْفما عندَ البَصْرِيِّينَ ومِنَ الكُوفِيِّينَ من يُجازِي بكَيْفَما فتَأَمَّلْ هذا مع كلامِ شَيْخِنا . وقال سِيبَوَيْهِ : إِنَّ كَيْفَ : ظَرْفٌ . وعن السِّيرافِيّ والأَخْفَش : لا يَجُوزُ ذلِك أَي أَنَّها اسمٌ غيرُ ظَرْفٍ . ورَتَّبُوا على هذا الخِلافِ أُموراً : أَحْدُها : أَنَّ موضِعَها عندَ سِيبَوَيْهِ نَصْبٌ وعندَهُما رَفْعٌ من المُبْتَدإِ نَصْبٌ مع غيرِه . الثاني : أَنَّ تَقْدِيرَها عندَ سِيَبَويْهِ في أَيِّ حالٍ أَو عَلى أَيِّ حالٍ وعِنْدَهُما تَقْدِيرُها في نحو : كَيْفَ زَيْدٌ ؟ أَصَحِيحٌ ونحوُه وفي نحو ؟ : كَيْفَ جاءَ زَيْدٌ ؟ راكِباً جاءَ زَيْدٌ ونَحْوه . الثالث : أَنَّ الجَوابَ المُطابِقَ عندَ سِيبَوَيْه : على خَيْرٍ ونَحْوه وعندَهُما : صَحِيحٌ أَو سَقِيمٌ ونحوه . وقال ابنُ مالِكٍ : صَدَقَ الأَخْفَشُ والسِّيرافِيُّ لم يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ كَيْفَ ظَرْفٌ إِذ لَيْسَ زَماناً ولا مَكاناً ونَعَم لمّا كانَ يُفَسَّرُ بقَوْلِكَ : على أَيِّ حالٍ - لكَوْنِه سُؤالاً الأَحْوالِ العَامَّةِ - سُمِّيَ ظَرْفاً لأَنَّها في تَأْوِيلِ الجارَّ والمَجْرُورِ واسمُ الظَّرْفِ يُطْلَقُ عَلَيْهما مَجازاً . وفي الارتِشافِ : سِيبَوَيْهِ يَقُول : يُجازَى بكَيْفَ والخَلِيلُ يَقُول : الجَزاءُ بهِ مُسْتَكْرَةٌ وقال الزَّجاجُ : وكُلُّ ما أَخْبر الله تعالى عن نَفْسِه بلَفْظِ كيفَ فهو اسْتِخبارٌ على طَرِيقِ التَّنْبِيهِ للمُخاطَبِ أَو تَوْبِيخٌ كما تَقَدَّمَ في الآيةِ . قالَ ابنُ مالِكٍ : ولا تَكُونُ عاطِفَةً كما زَعَمَ بعضُهم مُحْتَجّاً بقَوْلِه أَي الشاعر :
إِذا قَلَّ مالُ المَرْءِ لانَتْ قَناتُه ... وهانَ على الأَدْنَى فكَيْفَ الأَباعِدِ ؟لاقْتِرانِه بالفاءِ وَصُّ ابنِ مالكٍ : ودُخُولُ الفاءِ عليها يَزِيدُ خَطَأَه وُضُوحاً ولأَنَّه هُنا اسمٌ مَرْفُوعُ المَحَلِّ عَلى الخَبَرِيَّةِ . ثم إِنَّ المصنِّفَ يستَعمِلُ كيفَ مُذَكَّراً تارَةً ومُؤَنّثاً أُخْرَى وهما جائِزانِ فقالَ اللِّحْيانِيُّ : كيفَ مُؤَنَّثَةٌ فإِذا ذُكِّرتْ جازَ . والكِيفَةُ بالكسرِ : الكِسْفَةُ من الثَّوْبِ قالَه اللِّحْيانِيًّ . والخِرْقَةُ التي تَرْقَعُ بها ذَيْلَ القَمِيصِ من قُدّامُ : كِيفةٌ وما كانَ مِنْ خَلْفُ فحِيفَةٌ عن أَبي عَمْرٍو وقد ذُكِرَ في مَوْضِعهِ . وقال الفَرّاءُ : يقالُ : كَيْفَ لِي بفلانٍ ؟ : فَتَقول : كُلُّ الكَيْفِ والكَيْفَ بالجَرِّ والنَّصبْ . وحِصْنُ كِيفى كضِيزَى : قَلْعَةٌ حَصِينَةٌ شاهِقَةٌ بينَ آمِدَ وجَزِيرَةِ ابنِ عُمَرَ وفي تاريخ ابن خِلِّكان : بَيْنَ مَيّافارِقِينَ وجَزِيرةِ ابنِ عُمَرَ . قلتُ : والنِّسْبَةُ إليه : الحَصْكَفِيُّ . وقال اللِّحْيانِيّ : كَوَّفَ الأَدِيمَ وكَيَّفَهُ ؟ : إِذا قَطَعَه من الكَيْفِ والكَوْفِ . وقولُ المُتَكَلِّمِينَ في اشْتِقاقِ الفِعْلِ من كَيْفَ : كَيَّفْتُه فتَكَيَّفَ فإِنَّه قِياسٌ لا سَماعَ فِيه من العَرب ونَصُّ اللِّحْيانِيّ : فأَمّا قَوْلَهم : كَيَّفَ الشيءَ فكلامٌ مُوَلَّدٌ . قلتُ : فَعَتى بالقِياسِ هُنَا التَّوْلِيدَ قال شيخُنا : أَو أَنَّها مَوَلَّدَةٌ ولكن أَجْرَوْهَا على قِياسِ كلامِ العَرَب . قلتُ : وفيه تَأَمُّلٌ . قال ابنُ عَبّادٍ : وانْكافَ : انْقَطَعَ فهو مُطاوعُ كافَه كَيفاً . قال : وتَكَيَّفَه أَي الشيءَ : إِذا تَنَقَّصَه كتَحَيَّفَه . وأَمّا قولُ شَيْخِنا : ويَنْبَغِي أَن يَزِيدَ قوَلَهم : الكَيْفِيَّةُ أيْضاً فإِنَّها لا تكادُ تُوجَدُ في الكلامِ العَربِيِّ . قلتُ : نَعَمْ قد ذكَرَه الزَّجّاجُ فقالَ : والكَيْفِيَّةُ : مصدَرُ كَيْفَ فتأَمَّل
فصل اللام مع الفاءِ
الكُوفَةُ بالضَّمِّ : الرَّمْلَةُ الحمْراءُ المُجْتَمِعةُ وقِيلَ : المُسْتَدِيرةُ أَو كلُّ رَمْلَةٍ تُخالِطُها حصْباءُ أَو الرَّمْلَة ما كانتْ . والكُوفَةُ : مَدِينَةُ العِراقِ الكُبْرى وهي قُبَّةُ الإِسلام ودارُ هِجرَةِ المُسْلِمِينَ قيل : مَصَّرَها سعْدُ بنُ أَبي وقّاصٍ وكانَ قبل ذلك مَنْزَلَ نُوحٍ عليه السلامُ وبَنَي مَسْجِدَها الأَعظَم واختُلِفَ في سَبَب تَسْمِتِها فقِيلَ : سُمِّي هكذا في النُّسخ وصوابُه سُمِّيَتْ لاسْتِدارتِها وقِيل : بسبَب اجْتِماعِ الناسِ بها وقِيلَ لكَوْنِها كانتْ رَملَةً حمْراءَ أَو لاخْتِلاطِ تُرابِها بالحَصَى قاله النَّوَوِيُّ قال الصّاغانِيُّ : وورَدَتْ رامةُ بنْتُ الحُصَيْن بنِ مُنْقِذِ بنِ الطَّمَاحِ الكُوفَةَ فاسْتَوْبلَتْها فقالتْ :
أَلا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... وبيْنِي وبيْنَ الكُوفَةِ النَّهَرانِ
فإِنْ يُنْجِنِي مِنْها الَّذِي ساقَنِي لها ... فلا بُدَّ من غِمْرٍ ومن شَنآنِ ويقال : لها أيضاً كُوفانُ بالضم نقله النَّوَوِيُّ في شرحِ مُسْلِمٍ عن أَبي بَكْرٍ الحازِميِّ الحافِظِ وغيره واقْتَصرُوا على الضم قال أبو نواس :
ذَهَبَتْ بنا كُوفانُ مذْهَبَها ... وعَدِمْتُ عن ظُرَفائِها صَبْرِي وقالَ اللِّحْيانِيُّ : كُوفانُ : اسمٌ للكُوفَةِ وبها كانَتْ تُدْعَى قبلُ وقال الكِسائِيُّ : كانَت الكُوفَةُ تُدْعَى كُوفانَ قوله : ويُفْتَحُ إِنما نقل ذلكَ عن ابنِ عبّادٍ في قولِهم : إِنَّه لفِي كُوفانَ . قوله : ويُفْتَحُ إِنما نَقَل ذلكَ عن ابنِ عبّادٍ في قولِهم : إِنَّه لَفِي كَوْفانٍ كما سيأْتِي ويُقالُ لها أيضاً : كُوفَةُ الجُنْدِ ؛ لأنّه اخْتُطَّتْ فيها خِطَطُ العربِ أَيّامَ عُثْمانَ رضي الله عنه في العُباب أَيامَ عُمرَ رضي الله عنه خَطَّطَها أَي : تَولَّى تَخْطِيطَها السائِبُ بنُ الأَقْرَع بنِ عوْفٍ الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه وهو الذي شَهد فتحُ نَهاوَنْدَ مع النُّعمانِ بنِ مُقَرِّنٍ وقد ولِيَ أَصبهانَ أيضاً وبها ماتَ وعَقِبُه بها ومنه قوْلُ عَبْدةَ بنِ الطَّبِيبِ العَبْشَمِيّ :
إنّ التِي ضَرَبَتْ بيْتَاً مُهاجرةً ... بكُوفَةِ الجُنْدِ غالتْ وُدَّها غُولُ
أَو سُمِّيَتْ بِكُوفانَ وهو جُبَيْلٌ صَغِيرٌ فسَهَّلُوهُ واخْتَطُّوا علَيْهِ وقد تقَدَّم ذلكَ عن اللِّحيانِيِّ والكِسائيِّ أَو مِنَ الكَيْفِ وهو القَطْعُ لأَنَّ أَبْرَوِيزَ أَقْطَعَه لبَهْرامَ أَو لأَنَّها قِطْعَةٌ من البلادِ والأَصلُ كُيْفَة فلمّا سَكَنَت الياءُ وانْضَمَّ ما قَبْلَها جُعِلَتْ واواً أَو هي من قوْلهم : هُمْ في كُوفانٍ بالضّمِّ عن الأمَويّ وكَوَّفانٍ مُحَرَّكَةً مشَدَّدَةَ الواوِ أَي في عِزٍّ ومَنَعَةٍ أَو لأَنَّ جَبَل ساتِيدَمَا مُحيطٌ بها كالكافِ أَو لأَنَّ سَعْداً أَي ابنُ أَبي وقّاصٍ رضي الله عنه لَمّا أَراد أَنْ يبْنِيَ الكُوفَةَ ارْتادَ هذهِ المَنْزِلَةَ للمُسْلِمينَ قال لهمُ : تَكَوَّفُوا في هذا المكانِ أَي : اجْتَمِعُوا فيه أَو لأَنَّه قالَ : كَوِّقُوا هذه الرَّمْلَةَ : أَي نَحْوها وانْزِلُوا وهذا قَولُ المُفَضَّلِ . نقله ابن سِيدَه . قال ياقُوت ولمّا بَنَى عُبَيْدُ الله ابنُ زِيادٍ مَسجدَ الكوفةِ صعد المِنْبَرَ وقال : يا أهلَ الكُوفَةِ إِنِّي قد بَنَيْتُ لكم مَسْجداً لم يُبْنَ على وَجْهِ الأرضِ . مِثْلُه وقد أَنْفَقْتُ على كُلِّ أُسْطوانَةٍ سَبْعَ عشَرَةَ مائةً ولا يهدِمه إلا باغٍ أو حاسدٌ ورُوِيَ عن بِشْرِ بن عَبْدِ الوهابِ القُرَشِيِّ مَوْلى بنِي أُمَيَّة وكان يَنْزِلُ دِمَشْقَ وذكَر أَنَّه قَدَّر الكُوفَةَ فكانَتْ سِتَّةَ عَشَرَ مِيلاً وثُلُثَيْ مِيلٍ وذَكَر أَنَّ فِيها خَمْسِينَ أَلْفَ دارٍ للعَرَبِ من رَبيعَةَ ومُضَرَ وأَرْبَعةً وعشرينَ ألفَ دارٍ لسائرِ العَرَبِ وستَّةً وثَلاثِينَ أَلْفَ دارٍ لليَمَنِ والحَسْناءُ لا تَخْلُو من ذامٍّ قال النجاشيُّ يَهْجُو أهلَها :
إِذا سَقى اللهُ قوْماً صَوْبَ غادِيَةٍ ... فلا سَقَى اللهُ أَهْلَ الكُوفَةِ المَطَرَا
التّارِكِينَ على طُهْرٍ نَساءهُمُ ... والنائِكِين بشَطَّيْ دِجْلَةَ البَقَرَا
والسّارِقِينَ إذا ما جَنَّ لَيْلُهُمُ ... والدّارِسينَ إذا ما أَصْبَحُوا السُّورَا والمَسافَةُ ما بينَ الكُوفَةِ والمَدينَةِ نحو عشرينَ مرْحَلةً . وكُوَيْفَةُ كجُهَيْنَةَ : عليه السلام بقُرْبِها أَي الكُوفَة ويُضافُ لابنِ عُمَرَ لأَنه نَزَلَها وهو عبدُ الله بن عُمَرَ بنِ الخطابِ هكذا ذكره الصاغانيُّ والصوابُ ما في اللسان يقال له : كُوَيْفَةُ عمْرٍو وهو عَمْرُو بنُ قَيْس من الأزدِ كان أَبْرَوِيزُ لما انْهَزَمَ من بَهْرام جُورَ نَزَل به فقَراهُ فلما رَجَع إلى مُلْكِه أَقْطَعَه ذلك المَوْضِعَ . وكُوفَى كطُوبَى : د : بباذَغِيسَ قُرْبَ هَراَةَ نَقله الصاغانيُّ . والكُوفانُ بالضمِّ ويفْتَحُ عن ابن عَبّادٍ والكَوَّفانُ والكُوَّفانُ كهَيَّبان وجُلَّسانٍ : الرَّمْلَةُ المُسْتَديرةُ وهو أَحَدُ أَوْجهِ تَسْمِيَةِ الكُوفَةِ كُوفَةَ كما تقدَّمْ . والكوفانُ : الأمرُ المُسْتَدبِرُ يُقالُ : تُرِكَ القَوْمُ في كُوفانٍ نقَلَه الجَوْهَرٍيُّ . والكُوفانُ : العَناءُ والمَشَقَّةُ وبه فُسِّر أيضاً قولُهُم : تَرَكْتُهم في كوفانٍ كما في الصِّحاحِ : أَي عَناءٍ ومَشَقَّةٍ ودَوَرانٍ وأَنشَدَ اللَّيْثُ :
فلا أُضْحِي ولا أَمْسَيْتُ إلاّ ... وإِنّي منكُمُ في كُوَّفانِ وقال الأمويُّ : الكُوفانُ بالضمِّ العِزُّ والمَنَعَةُ ومنه قولهُم : إِنَّه لفي كُوفانٍ وفتَحَ ابنُ عَبّادٍ الكافَ وفي اللِّسانِ : إنَّه لَفِي كُوفانٍ من ذلك : أَي حِرْزٍ ومَنَعَةٍ . والكُوفانُ : الدَّغَلُ من القَصَبِ والخَشَبِ نقله الصاغاني وفي اللسانِ بَيْنَ القَصَبِ والخَشَبِ ويقال : ظَلُّوا في كُوفانِ : أَي في عَصْفٍ كَعصْفِ الرِّيحِ والشَّجَرةِ أَو في اخْتِلاطٍ وشَرٍّ شَدِيدٍ أَو في حَيْرَةٍ أَو في مَكْرُوهٍ أو في أَمْرٍ شَديدٍ كلُّ ذلك أَقوالُ ساقَها الصاغانِيُّ ويقال : لَيْسَت به كُوفَةٌ ولا نُوفَةٌ : أَي عَيْبٌ نقله الصاغانيُّ : وهو مثل المَزرِيَةِ وقد تافَ وكافَ . وكاف الأدِيمَ يَكُوفُه كَوْفاً كَفَّ جَوانِبَه . والكافُ : حَرْف يذَكْر ويُؤَنَّثُ وكذلك سائرُ حُروفِ الهِجاءِ قال الراعِيأَشاقَتْكَ أَطْلالٌ تَعَفّتْ رُسُومُها ... كما بَيَّنَتْ كافٌ تَلُوحُ ومِيمُها وأَلِفُ الكافِ واوٌ وهي من حُرُوف الجَرِّ تكون : أًصْلاُ وبَدَلاً وزائداً وتكونُ اسْماً فإذا كانت اسماً ابْتُدِئَ بها فقيلَ : كزَيدٍ جاءَنِي يريدُ : مِثْل زَيْدٍ جاءَنِي . وتَكُونُ لتَّشْبِيهِ مثل : زَيْدٌ كالأسَدِ . وتكونُ للتَّعْلِيل عند قوْمٍ ومنه قولُه تعالى : " كما أرْسلْنا فيكُمْ رسُولاً " أَي لأَجْلِ إِرْسالِي وقولُه تَعالَى : " واذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ " أي لأجل هدايتِه لكم . وتَكُونُ أَيضاً للاسْتِعْلاءِ قالَ الأَخْفَشُ : وذلِك مثلُ قَوْلِهم : كُنْ كَما أَنْتَ علَيْهِ أَي : على ما أَنْتَ عليه . وكَخَيْرٍ في جوابِ ما إذا قِيلَ : كَيْفَ أَنْتَ ؟ أَو كَيْفَ أَصْبحْتَ . ؟ فالكافُ هُنا في معنَى على قالَ ابنُ جِنِّي : وقد يجُوزُ أَنْ تكونَ في معنْى الباءِ أَي : بخيرٍ . وتكونُ المُبادرةِ : إذا اتَّصلَتْ بما نحو : سلٍّمْ كَما تَدْخُلُ وصلِّ كَما يَدْخُلُ الوَقْتُ . وقد تَقَعُ موقعَ الاسمِ فيدْخُلُ عليها حرفُ الجرِّ كما قالَ امْرُؤُ القَيْسِ يصِفُ فَرساً :
ورُحْنَا بكَابْنِ الماءِ يُجْنَبُ وَسْطَنا ... تَصوَّبُ فيه العيْنُ طَوْراً وتَرْتَقِي وقد تكونُ للتَّوْكِيدِ وهي الزَّائِدةُ بمنزلةِ الباء في خَبرِ لَيْس وفي خَبر ما ومِن وغَيرِها من الحروفِ الجارَّةِ نحو قولِه عزَّ وجلَّ : " لَيْسَ وفي خَبر ما ومِن وغَيْرِها م الحروفِ الجارَّةِ نحو قولهِ عز وجلّ : " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيءٌ " وتَفْسِيرهُ - والله أعلم - ليس مِثْلَه شيءٌ ولا بدَّ من اعتقادِ زيادةِ الكاف ليصحَّ المَعْنَى لأَنَّكَ إِن لم تَعْتَقِد ذلِك أَثْبتَّ له عزَّ اسمُه مِثْلاً وزَعَمْتَ أَنّه لَيْس كالَّذِي هُو مِثله شيءٌ فيفْسُدُ هذا من وجْهَيْنِ : أحدهما : ما فيه من إِثْباتِ المِثْلِ لمَنْ لا مِثْلَ له عزَّ وعلاً علُواً كَبيراً . والآخرُ : أَنَّ الشيءَ إذا أَثْبتَّ له مِثْلاً فهو مِثْلُ مِثْلِه لأَنَّ الشَّيءَ إذا ماثَلَهُ شَيءٌ فهو أيضاً مماثِلٌ لما ماثَلَه ولو كان ذلك كذلك - على فَساد اعْتِقادِ مُعْتَقِدِه - لما جازَ أَن يُقال : لَيْس كمِثْلِه شيءٌ ؟ لأَنَّه تعالى مِثْلُ مِثْلِه وهو شيءٌ ؛ لأنه تباركَ وتَعالَى قد سمَّى نفسه شيئاً بقوله : " قُلْ أَيُّ شيْءٍ أَكْبَرُ شهادةً قُل اللهُ شَهِيدٌ بينْي وبيْنَكُم " . فعُلِم من ذلك أن الكافَ في " لَيْس كمِثْلِه " لا بُدّ أن تكونَ زائدةً ومثلُهُ قولُ رُؤبَة :
" لَواحِقُ الأَقْرابِ فِيها كالمَقَقْ والمَقَقُ : الطُّولُ ولا يُقال : في هذا الشيءِ كالطُّولِ إِنَّما يُقال : في هذا الشيءِ طُولٌ فكأَنَّه قالَ : فيها مَقَقُ : أَي طُولٌ . وقال شيخُنا في قَوْلِه تَعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " قد أَخرجها المُحقِّقُونَ عن الزِّيادةِ وجعلُوها من بابِ الكِنايةِ كما في شُرُوحِ التَّلْخِيصِ والمِفْتاحِ والتَّفْسِيرَيْنِ وغيرِها . وتَكُونُ اسْماً جارّاً مُرادِفاً لِمِثْل أَو لا تَكُونُ إلاّ في ضَرُورةٍ كقولهِ :
" يضْحكْنَ عَنْ كالْبَرَدِ المُنْهَمِّ أَي : عن مثل البَرَدِوقد تَكُونَ ضَمِيراً مَنْصُوباً ومَجْرُوراً نحو قولِه تَعالى : " ما وَدَّعَ : رَبُّكَ وَمَا قَلَى " ونَصُّ الصِّحاحِ : وقد تَكُون ضَمِيراً للمُخاطَبِ المَجْرُورِ والمَنْصُوب كقولِك : غُلامُكَ وضَرَبَكَ زاد الصّاغانِيُّ : تُفْتَحُ للمُذَكرِّ وتُكْسَرُ للمُؤَنَّثِ للفَرْقِ . وقد تكونُ حَرْفَ معْنىً لاحِقَةً اسْمَ الإِشارَةِ ونصُّ الصِّحاحِ : وقد تَكُونُ للخِطابِ ولا موضعَ لها من الإِعْرابِ كَذِلِكَ وِتِلْكَ وأَولئكَ ورُوَيْدَكَ ؛ لأَنَّها لَيْسَتْ باسمٍ هُنا وإِنّما هي للخِطاب فقط تُفْتَحُ للمُذَكَّرِ وتُكسرُ للمُؤَنَّثِ . وتكون لاحِقَةً للضَّمِيرِ المُنْفَصِلٍ المَنْصُوبِ كإِيّاكَ وإِيّاكُما . ولا حِقَةً لبَعْضِ أَسْماءِ الأَفْعالِ كحَيَّهَلَكَ ورُوَيْدَكَ والنَّجاكَ . وتكونُ لاحِقَةً لأَرَأَيْتَ بمعَنْى أَخْبِرْنِي نحو : " أَرَأَيْتَ : َ هَذَا الذِي كَرَّمْتَ علَيَّ " وقد بُسِط معانِي الكافِ وما فِيها كُلُّه في المُغْنِي وشُرُوحِه وأَوردَ الشيخُ ابنُ مالِكٍ أَكثَرَها في التَّسْهِيل عن اللِّحْيانِيّ . وتُكافُ بضَمِّ المُثَنّاةِ الفَوْقِيّة : صلى الله عليه وسلم بجُوزَجانَ وة أُخْرَى بنَيْسابُورَ . وكَوَّفْتُ الأَدِيمًَ تَكْوِيفاً : قَطَعْتُه ككَيَّفْتُه تَكْييفاً . وكَوَّفْتُ الكافَ : عَمِلْتُها وكَتَبْتُها . وتَكَوَّفَ الرَّمْلُ تَكَوُّفاً وكَوْفاناً بالفَتْحِ : استَدارَ وكذلِك الرَّجُلُ . وتَكَوَّفَ الرَّجُلُ : تَشَبَّهَ بالكُوفِيِّين أَو انْتَسَبَ إِلَيْهم أَو تَعصَّبَ لهُم وذَهَبَ مَذْهَبَهم
وما يُستدركُ عليه : كَوَّفَ الشيءَ : نَحّاهُ وقِيلَ : جَمَعَه . وكَوَّفَ القومُ : أَتَوا الكُوفَةَ قالَ :
إذا ما رَأَتْ يَوْماً مِنَ النّاسِ راكِباً ... يُبَصِّرُ من جِيرانِها ويُكَوِّفُ وقالَ يَعْقُوبُ : كَوَّفَ : صارَ إلى الكُوفَةِ . والنّاسُ في كَوْفَى من أَمْرِهِم كسَكْرى : أَي في اخْتِلاطٍ . وجمعُ الكافِ أَكْوافٌ على التَّذْكِيرِ وكافاتٌ على التَّأْنِيثِ ومن الأخِيرِ قَوْلُهم : كافاتُ الشّتاءِ سَبْعٌ . والكافُ : الرَّجُلُ المُصْلِحُ بينَ القومِ قال :
خِضَمَّ إِذا ما جِئْتَ تَبْغِي سُيُوبَه ... وكافٌ إِذا ما الحَرْبُ شَبَّ شِهابُها والكافُ : لَقَبُ بعضِهم . والكُوفِيّةُ : ما يُلْبَسُ على الرَّأَسِ سُمِّيَتْ لاسْتدارَتِها