بواسطة مصطفى الشاذلي الجوابر
كان صل الله عليه وسلم صوته فيه بحَّةٌ خفيفة، وصوته غير جاش أي هادئ، لكنه كان إذا تحدَّث يُسمع من أراد أن يُحدثه، ذات مرة كان على منبره الشريف فقال:{ اجْلِسُوا، فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَجَلَسَ فِي بَنِي غَنْمٍ، فَقِيلَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَاكَ ابْنُ رَوَاحَةَ جَالِسٌ فِي بَنِي غَنْمٍ، سَمِعَكَ وَأَنْتَ تَقُولُ لِلنَّاسِ: اجْلِسُوا، فَجَلَسَ فِي مَكَانِهِ } وكانوا يقولون: كان إذا تحدث يُسمع العواتق في خدورهن (النساء المخبَّئات)، أي يُسمع النساء وهن في بيوتهن، في كل أرجاء المدينة، لا إذاعة ولا ميكروفون، ولكن القدرة الإلهية تجعل الهواء يوصل صوت خير البرية إلى ما شاء من البرية، وهذه مزية وخصوصية اختصه بها الله عزوجل دون ما سواه صلوات ربي وتسليماته عليه، وعن سيدنا أنس رضي الله عنه قال:
{ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلا بَعَثَهُ حَسَنَ الْوَجْهِ، حَسَنَ الصَّوْتِ، حَتَّى بَعَثَ نَبِيَّكُمْ صل الله عليه وسلم فَبَعَثَهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الصَّوْتِ، وَلَمْ يَكُنْ يُرَجِّعُ، وَلَكِنْ كَانَ يَمُدُّ بَعْضَ الْمَدِّ }
{ ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه حسن الصوت فكان نبيكم صل الله عليه وسلم أحسنهم وجهاً وأحسنهم صوتا، وكان صوت رسول الله صل الله عليه وسلم يبلغ حيث لا يبلغه صوت غيره } والأعجب من ذلك - لمن ذهب منكم إلى مِنَى ورآها - أنه كان في حجة الوداع معه مائة ألف، وعندما ذهبوا إلى مِنَى تفرقوا، وكان كثير من العرب يميل إلى سُكنى أعالي الجبال إلى وقتنا هذا، ويقول عبد الرحمن بن معاذ التيمي رضي الله عنه:
{ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِمِنًى فَفُتِحَتْ أَسْمَاعُنَا
حَتَّى كُنَّا نَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا }
الكل سمعه من الخيام مع أن صوته هادئ، لكن كان الله عزوجل يُبلغ صوته لمن أراد، لأن الله عزوجل قال فيه وفي أمثاله من الأنبياء:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) (64النساء)
كل شيء في الكون عاليه ودانيه مسخرٌ لحضرته، ومأمور بطاعته، لأنه رسول الحق، والله عزوجل اختاره واجتباه ليُبلغ دعوة الله إلى خلق الله عليه الصلاة والسلام.وعن أم هانيء رضي الله عنها قالت:{ كُنَّا نَسْمَعُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم فِي جَوْفِ اللَّيْلِ عِنْدَ الْكَعْبَةِوَأَنَا عَلَى عَرِيشِي }
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
{ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلا صَوْتُهُ وَالمشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ يُنْذِرُ جَيْشًا، يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ }
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%8A/
منقول من كتاب {الجمال المحمدي ظاهره وباطنه}
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً